د. هزاع بن محمد الهزاع
دكتوراه في فسيولوجيا الجهد البدني
زمالة الكلية الأمريكية للطب الرياضي
الأستاذ والمشرف على مختبر فسیولوجیا الجهد البدني
قسم التربیة البدنیة وعلوم الحركة
كلیة التربیة – جامعة الملك سعود
نسخة منقحة ١٤٢٦ ه/ ٢٠٠٥ م
ممارسة النشاط البدني والتلوث البيئي :
مع زيادة الوعي لدى عامة الناس حول أهمية النشاط البدني للصحة، أصبحنا
نرى الكثير منهم يمارسون بعض الأنشطة البدنية، خاصة المشي والهرولة، في
الأماكن المفتوحة (الخارجية)، وفي الوقت نفسه بات الهو اء المستنشق في العديد
من المدن، خاصة الكبرى منها، يعج بالملوثات . فهل هناك خطورة على الصحة
من جراء استنشاق الهواء الملوث ، خاصة أثناء ممارسة النشاط البدني في الأماكن
المفتوحة؟ وهل من آثار سلبية أخرى للتلوث البيئي على الرياضيين؟ في هذه
المقالة نتناول موضوعين مه مين يتعلقان بالتلوث البيئي ولهما ارتباط وثيق
بممارسة النشاط البدني.
النشاط البدني والأوزون:
يعزو علماء البيئة انخفاض كمية الأوزون في طبقة الغلاف الجوي المسماة
الستراتوسفير (Stratosphere) , والواقعة على بعد ٢٠ كم تقريباً عن سطح الأرض،
إلى زيادة بعض المواد ا لكيميائية في تلك الطبقة من الغلاف الجوي وخاصة تلك
المسماة بالمركبات الكلوروفلوروكربونية (Chlorofluorocarbones) .
ومن المعروف أن هذه المواد الكيميائية تنتج عن صناعة الثلاجات والمكيفات الهوائية
والمنتجات الصناعية الأخرى كبخاخات الروائح والتنظيف.
إن زيادة هذه المواد الكيميائية في الغلاف الجوي يؤدي إذاً إلى تحطيم طبقة
الأوزون في الغلاف الجوي والمسماة الستراتوسفير كما أشرنا إلى ذلك، مؤدياً إلى
زيادة نفاذية الأشعة فوق البنفسجية إلى سطح الأرض، وبالتالي زيادة تعرض
الإنسان إلى هذه الأشعة وما يتبع ذلك من زيادة احتمال الإصابة بسرطان الجلد
عند التعرض للشمس بشكل مطرد (طبقة الأوزون في الغلاف الجوي تمتص جزء
كبيراً من الأشعة البنفسجية، مما يعطي بعض الحماية للإنسان ). ويعتقد علماء
البيئة أن الانخفاض في طبقة الأوزون قد وصل على مدى السنوات الماضية من
٥ إلى ١٠ %، ويتوقع أن يزداد ه ذا الانخفاض في طبقة الأوزون بصورة أكبر في
العقود القادمة ما لم يتم القيام بعمل شيئاً ملموساً لتفادي ذلك من قبل كافة الدول
الصناعية.
ما علاقة انخفاض كمية الأوزون بالنشاط البدني؟
يعتقد العلماء والمختصون في الطب الرياضي أن هذه التغيرات في طبقة
الأوزون تبدو أك ثر أهمية للرياضيين ولممارسي النشاط البدني منها للعامة، خاصة
الذين يقومون بممارسة تدريباتهم اليومية في الهواء الخارجي تحت أشعة الشمس،
بل أن الأشعة فوق البنفسجية قادرة في الواقع على اختراق طبقات الغيوم، ولهذا
فحتى أثناء وجود الغيوم قد لا يبدو جسم الرياضي في مأمن عن وصول الأشعة
البنفسجية إليه.
إذاً ما العمل؟ إن النصيحة التي يقدمها المختصون للرياضيين الراغبين في
ممارسة تدريباتهم البدنية في الأماكن الخارجية ، هي في أن يتجنبوا الممارسة بين
الساعة العاشرة صباحاً والثالثة عصراً، حيث تكون أشعة الشمس في أكثر حالتها
خطورة.
ممارسة النشاط البدني وتلوث الهواء:
يحتوي الهواء وخاصة في المدن الصناعية والمزدحمة بالسيارات على العديد
من الملوثات، بما في ذلك أول أكسيد الكربون، وثاني أكسيد الكبريت، وأكاسيد
النترات. إن أول أكسيد الكربون يأتي بشكل رئيسي من عوادم السيارات، ثم من
الدخان المنبعث من السجاير . ومن المعروف أن ممارسة النشاط البدني بشدة
8-١٠معتدلة تؤدي إلى زيادة حجم الهواء المستنشق بواسطة الرئتين بحوالي
أضعاف ما يتم استنشاقه أثناء الراحة ، وبالتالي فإن ممارسة النشاط البدني،
كالمشي أو الجري، بالقرب من الشوارع المزدحمة بالسيارات يقود إلى زيادة كمية
الملوثات المستنشقة، والنتيجة هي تهيج المجاري التنفسية لدى الفرد ، وانخفاض
أداءه البدني، واحتمال إصابته ببعض المشكلات الصحية . إن الخطور ة من
استنشاق أول أكسيد الكربون تكمن في أن له خاصية الاتحاد مع الهيموجلوبين
(الذي هو خضاب الدم المسئول عن حمل الأكسجين ) بدرجة تزيد بأكثر من ٢00
مرة على قدرة الأكسجين بالاتحاد بالهيموجلوبين، وبالتالي تنخفض قدرة الدم على
حمل الأكسجين، ويعتقد أن الشخص الذي يمارس نشاط بدني لمدة ٣٠ دقيقة
بالقرب من الشوارع المزدحمة بالسيارات يتعرض إلى ك مية من أول أكسيد
الكربون (المنبعثة من عوادم تلك السيارات ) تعادل تدخين نصف علبة من
السجائر.
أما ثاني أكسيد الكبريت، فإن ارتفاع تركيزه في الهواء، إذا تزامن مع زيادة
في الرطوبة النسبية، يؤدي إلى حدوث تقلصات في الشعب الهوائية داخل الرئتين،
وبالتالي إلى صعوبات في التنفس، خاصة لدى الذين يعانون أصلاً من الربو
المصاحب للجهد البدني.
بالإضافة إلى ما سبق من قول، فإن التلوث الحاصل في المدن نتيجة زيادة
المركبات الهيدروكر بونة، كالبنزين وغيره، إذا تزامن مع أشعة الشمس فإنه يؤدي
إلى تكوين غاز الأوزون في الهواء، الذي يكون مع غيره من الملوثات طبقة تلوث
(كالسحابة المنخفضة الارتفاع ) تكون واضحة للعيان في بعض المدن ، هذه الطبقة
من الأوزون تساهم بشكل كبير في حالة استنشاقها من قبل الفرد في التأثير السلبي
على الوظائف التنفسية.
_________________